آداب وفنون

إجهاض..!

خاطرة: إيمان الخليفة

جسر السيد الرئيس 8:35 صباح يومِ الإثنين،
ماذا لو كانتْ بعضُ القرارات موجعة للقلب ولكنها أشدُ راحةً للعقل؟ حينها وفقط حينها ستكونُ على شفا حُفرةٍ من الاختيار الصعب، ما بين منطقِ العقلِ وسذاجةٓ القلب، أراهُ يجلسُ أمامي كتلةً من الغموض، لا أكاد أستطيعُ تحليل حتى مفرداتِ لغةٓ جسدهِ، إنهُ الرجُل ذو الخواتم صاحبُ اللحية الغارقةِ بالأسودادِ كما قلبه..

قبعتُ أفكرُ، تُرى بماذا يفكر وما هي نيتهُ؟ لم نستطع لا أنا ولا صديقه أبو أمير فهم ذلك، فشعرت بدوارِ الأشهر الأخيرة من الحمل لأشيحٓ بنظري عنه، نعم أنا الآن حُبلى بالشهر الثامن عشر من العلاقة وإلى الآن لم يحن موعد ولادتي، وهو رهنُ أشارته لوحده، وددتُ لو قلتُ له قبلني التهمني وحاصرني، ضمني إليك، اعتصرني بين ذراعيك، ولكنني أرجوك ألا تترك نفسي لنفسي، فأنا بكل ما أوتيتُ من صدق أحتاجك، فلا تترك يدي..

ها قد جف الدمُ في عروقي، ولاحظ الجميعُ شحوب وجهي واصفرارهُ عاقد، ظهرت على ملامحي تعب السنين وغصةُ العمر وكأنه يأسُ القرون الأولى، كان الاختيار أشبهُ بالوقوف على جُرفِ جبلٍ مائل فيهِ السقوط الحتمي المميت.. ولكن عندما تدقُ في الروحِ أجراسُ الكرامة وتعلو في الحنجرةِ تهاليل الكبرياءِ والأنفة، حينها وفقط حينها كل تلك العواطف البالية والمشاعر التافهة ستقفُ ذليلةً صاغرة لأداء الصلاةِ الجنائزيةِ، دفناً لحبٍ قد وُلد ميتاً في جوف القلب بعد أكثر من ثمانية عشرة شهراً من الحمل المضني، والذي عجزَ كلّ أطباء القلوب عن إحيائه.. ففي منطق الكرامة لا وجود لما يسمى بشبح الهوسِ، لرجلٍ لم ولن يعرف الحبّ إلى قلبه طريقهُ يوماً، خائن ازدواج المعايير ، لأعلنها وأمام الملأ والعلن ليعلم بها القاصي والداني ها قد أجهضتهُ من رحم قلبي، ورميتُ به في مزابل النسيان.. فهنيىاً لمتسولات الحب به.

زر الذهاب إلى الأعلى