السر في قطرة.. “مطر صخري” من الفضاء يكشف تاريخ ميلاد المشتري
كريترنيوز /متابعات /السيد محمود المتولي
لأول مرة، تمكن الباحثون من تحديد تاريخ نشأة كوكب المشتري من خلال دراسة كرات صغيرة تشبه الخرز وجدت محفوظة في النيازك.
وتوصلت دراسة أجرتها جامعة ناغويا اليابانية والمعهد الوطني الإيطالي للفيزياء الفلكية (INAF) إلى أن الكوكب الغازي العملاق ولد على الأرجح بعد 1.8 مليون سنة من نشأة النظام الشمسي.
وجاءت هذه الأدلة من دراسة الكوندرولات، وهي عبارة عن “قطرات صخرية منصهرة” يبلغ عرضها ما بين 0.1 إلى 2 ملليمتر، وتوجد في النيازك التي سقطت على سطح الأرض وفق موقع انترستينج انجينيرينج.
وكشفت نماذج الدراسة أن قوى الجاذبية الهائلة لكوكب المشتري الذي يتشكل بسرعة كانت مسؤولة عن خلق قطرات الصخور المنصهرة هذه.
تسببت جاذبية المشتري في تصادمات كوكبية صغيرة، مما أدى إلى ذوبان الصخور إلى قطرات متناثرة بفعل تمدد بخار الماء.
البداية العنيفة
منذ ما يقرب من 4.5 مليارات سنة، كان نظامنا الشمسي عبارة عن حضانة فوضوية، في هذا القرص الدوار من الغاز والغبار، كان هناك كوكب غازي عملاق، كوكب المشتري، بدأ في الظهور.
مع نمو كوكب المشتري إلى حجمه الهائل، حركت جاذبيته القوية الأمور، مما أدى إلى تعطيل مدارات عدد لا يحصى من الأجسام الأصغر والتي تسمى الكواكب الصغيرة – على غرار الكويكبات والمذنبات.
اصطدام مذهل
هذه الكواكب الصغيرة، المكونة من الصخور والغبار والجليد، اصطدمت ببعضها البعض بسرعات مذهلة، كانت قوة هذه الاصطدامات هائلة لدرجة أن الصخور والغبار الذي احتوته ذابت على الفور، أدى هذا التأثير إلى تبخر الماء في الأجسام الأصغر، مما أدى إلى انفجار بخاري أدى إلى تحطيم السيليكات المنصهرة إلى قطرات مجهرية.
بعد ذلك بردت القطرات وتجمدت، والتي تم دمجها فيما بعد في الكويكبات التي انفصلت في النهاية وسقطت على الأرض على شكل نيازك.
وقال البروفيسور سين-إيتي سيرونو، المؤلف الرئيسي المشارك من جامعة ناغويا: “عندما اصطدمت الكويكبات الصغيرة ببعضها، تبخر الماء على الفور متحولًا إلى بخار متمدد، وحدث هذا كإنفجارات صغيرة، وحطم صخور السيليكات المنصهرة إلى قطرات صغيرة نراها في النيازك اليوم”.
وأضاف سيرونو: “النظريات السابقة لم تتمكن من تفسير خصائص الكوندرول دون الحاجة إلى ظروف محددة للغاية، بينما يتطلب هذا النموذج ظروفاً حدثت بشكل طبيعي في النظام الشمسي المبكر عندما ولد كوكب المشتري”.
استخدمت الدراسة الجديدة محاكاة حاسوبية لنمذجة نمو كوكب المشتري والاصطدامات بين الكواكب الصخرية والغنية بالمياه في النظام الشمسي المبكر.
قام النموذج بإنشاء كوندرولات واقعية بشكل تلقائي، تتوافق مع الخصائص والوفرة الموجودة في بيانات النيازك، وتوصل البحث إلى أن الماء داخل الكواكب الصغيرة المتصادمة كان حاسماً في تكوين الكوندرولات، ويثبت أن تشكل الكوندرول كان نتيجة مباشرة لتشكل الكواكب.
تمكن الفريق من تحديد تاريخ ولادة كوكب المشتري من خلال ربط توقيت هذه الاصطدامات المحاكاة مع عمر الكوندرولات الموجودة في النيازك.
يُظهر النموذج أيضًا أن إنتاج الكوندرول يتزامن مع التراكم المكثف للغاز السديمي في كوكب المشتري ليصل إلى حجمه الهائل، وكما تُشير بيانات النيازك، فإن ذروة تكوّن الكوندرول حدثت بعد 1.8 مليون سنة من نشأة النظام الشمسي، وهو أيضًا الوقت الذي وُلد فيه كوكب المشتري، كما قال الدكتور دييغو توريني، المؤلف الرئيسي المشارك والباحث الرئيسي في المعهد الوطني للفيزياء الفلكية (INAF).