الذكاء الاصطناعي يكتب مستقبل الجراحة

كريترنيوز/ متابعات /عماد الدين إبراهيم
في خضم التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم، يواصل المجال الطبي تحقيق قفزات نوعية تُعيد تعريف حدود الممكن. فبينما كان الطب يركز في الماضي على إصلاح التلف، أصبح اليوم قادراً على إعادة البناء وخلق ما يشبه الأعضاء والأنسجة، مستفيداً من خبرات جراحية تاريخية وتقنيات ذكاء اصطناعي حديثة.
إرث جراحي يعيد الأمل
يُعدّ «إجراء شيرز» (Sheares Procedure) إنجازاً طبياً رائداً يعود الفضل فيه إلى الدكتور بنجامين شيرز، الذي يُطلق عليه «أبو أمراض النساء والتوليد في سنغافورة». تم تطوير هذا الإجراء الجراحي في خمسينيات القرن الماضي لمساعدة النساء اللاتي ولدن من دون مهبل (حالة تُعرف بـ Mayer-Rokitansky-Küster-Hauser syndrome).
تعتمد هذه التقنية الجراحية على إنشاء مهبل جديد (neovagina) باستخدام نسيج المريضة نفسها، دون الحاجة إلى ترقيع من أجزاء أخرى من الجسم. يتم ذلك عبر تشكيل مساحة جراحية بين المثانة والمستقيم، ومن ثم يُغطى التجويف بـ«قالب» طبي. يُعد هذا الإجراء بسيطاً وفعالاً، ولا يتطلب معدات جراحية معقدة، وقد أحدث ثورة في علاجات إعادة البناء، وقدم حلاً دائماً لمشكلة طبية صعبة.
خدمة التشخيص الدقيق
بجانب الإرث الجراحي، يبرز الذكاء الاصطناعي كقوة دافعة للتشخيص. في سنغافورة، تم تطوير نظام SELENA+ (Singapore Eye Lesion Analyser)، وهو برنامج ذكاء اصطناعي يُحدث تحولاً جذرياً في فحص أمراض العيون.
يعمل هذا النظام على تحليل صور الشبكية (قاع العين) بدقة فائقة، ويكتشف تلقائياً علامات ثلاث حالات خطيرة قد تؤدي إلى فقدان البصر: اعتلال الشبكية السكري، الجلوكوما، والتنكس البقعي المرتبط بالعمر. وقد أثبتت الدراسات أن SELENA+ لا يقل دقة عن الفاحصين البشريين، ولكنه يتفوق عليهم في السرعة، حيث يقلل من عبء العمل بنسبة تصل إلى 50% ويقدم نتائج في دقائق معدودة بدلاً من ساعات أو أيام. هذا التطور لا يسرّع عملية الفحص فحسب، بل يتيح أيضاً للمرضى الحصول على العلاج بشكل أسرع وأكثر استهدافاً.
الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد
وإذا كان «إجراء شيرز» يعيد بناء ما هو موجود، فإن الأبحاث الحديثة تتطلع إلى خلق أعضاء كاملة من الصفر. لقد أصبحت الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد (3D bioprinting) حقيقة ملموسة في المختبرات حول العالم.