حل «مجنون» لمواجهة حرائق السيارات الكهربائية يثير الجدل عالمياً

كريترنيوز / عماد الدين إبراهيم
في خطوة وُصفت بأنها «مخاطرة بحد السيف»، كشفت الصين عن تقنية جديدة لمكافحة حرائق بطاريات المركبات الكهربائية، تعتمد على طرد البطارية من السيارة في أقل من ثانية، في حل يثير مخاوف خطيرة بشأن سلامة المارة والممتلكات.
تجارب مجنونة
أثارت التجارب التي أجرتها فرق هندسية صينية، موجة من الانتقادات والدهشة في الأوساط العالمية لقطاع الطاقة وصناعة السيارات، بعد تداول مقطع فيديو يظهر سيارة دفع رباعي كهربائية، وهي تقذف حزمة بطاريتها الضخمة إلى مسافة بعيدة، فور استشعار خطر «الهروب الحراري» (Thermal Runaway)، الذي يسبق اندلاع الحريق.
مخاطر كارثية
لطالما شكلت حرائق بطاريات الليثيوم أيون في المركبات الكهربائية «عقبة نارية» أمام التوسع الكامل للتقنية النظيفة. هذه الحرائق يصعب للغاية إخمادها، وتستغرق وقتاً طويلاً جداً، وتتطلب كميات هائلة من المياه، كما أن الغازات السامة المنبعثة منها تهدد حياة الركاب.
للتغلب على هذا التحدي، قدمت فرق هندسية صينية، فكرة راديكالية، وهي نظام طرد عالي السرعة، يعمل كعمل وسادة هوائية (Airbag)، يتم تفعيله بواسطة مستشعرات الحرارة.
وعند رصد النظام لارتفاع حاد في درجة حرارة البطارية، أو بوادر «الهروب الحراري»، يقوم مُولّد غاز قوي (شبيه بآلية عمل الوسائد الهوائية)، بقذف حزمة البطارية، التي قد تزن مئات الكيلوغرامات، من أسفل المركبة أو جانبها.
ويهدف الابتكار لحماية ركاب السيارة من التداعيات الكارثية للحريق أو الانفجار الوشيك، عن طريق إبعاد مصدر النار عن المقصورة في أقل من ثانية واحدة.
صافرات الإنذار
على الرغم من أن الهدف الأساسي للتقنية هو إنقاذ حياة ركاب المركبة، فقد تحولت البطارية المقذوفة إلى «قذيفة» هائلة، تحمل مخاطر جديدة وأكثر فوضوية.
الخبراء وشركات تصنيع السيارات، أبدوا انتقادات لاذعة للتقنية، مركزين على ثلاثة محاور، وهي سلامة المارة والممتلكات: بطارية ضخمة تندفع بسرعة عالية لمسافة قد تصل إلى 6 أمتار (20 قدماً)، قد تصطدم بمركبة أخرى، أو تصيب المشاة بجروح خطيرة، أو حتى تتسبب في إشعال حريق آخر، إذا سقطت في منطقة قابلة للاشتعال. يرى المنتقدون أن هذا النظام ببساطة «يُحول مشكلة الحريق من داخل السيارة، إلى مشكلة في الطريق العام».
الفشل في سيناريوهات الاصطدام: حرائق البطاريات غالباً ما تندلع بعد حوادث التصادم الشديدة. في مثل هذه الحوادث، قد تتعرض الآلية المعقدة لنظام القذف للضرر، ما يمنعها من العمل عند الحاجة إليها، فتصبح التقنية بلا جدوى في اللحظة الحاسمة.
الجدوى التجارية: لا يوجد حتى الآن أي إعلان رسمي من شركات السيارات الكبرى، عن تبنّي هذه التقنية في سيارات الإنتاج التجاري. بل سارعت شركات، مثل شركة iCar، التي ظهرت إحدى مركباتها في التجربة، إلى نفي أي تورط لها في تطوير أو اعتماد هذا النظام المثير للجدل.
الوقاية لا القذف
في الوقت الذي تراهن فيه الصين على هذا الحل الجذري، يركز غالبية مصنعي السيارات وشركات البطاريات العالمية، على استراتيجية مختلفة تماماً، وهي الوقاية أولاً.
تركز الجهود الدولية على تحسين كيمياء البطارية، وتطوير بطاريات أقل عرضة للهروب الحراري، مثل بطاريات الحالة الصلبة (Solid-State Batteries). مع تصميم أغلفة بطارية معزولة ومقاومة للحرارة، لضمان عدم انتشار الحريق من خلية تالفة إلى الخلايا المجاورة، وإعطاء الركاب وقتاً كافياً للمغادرة. ثم دمج مواد إطفاء الحريق ضمن حزمة البطارية نفسها، ليتم تفعيلها فورياً داخلياً، عند بدء ارتفاع درجة الحرارة.