تكنولوجيا

صُنع ليخدم.. الصين تطلق روبوتاً مذهلاً يغيّر مستقبل العمل

كريترنيوز/ متابعات/ البيان /وائل زكير

 

صُنع ليخدم .. بهذه الكلمات يمكن وصف الروبوت الصيني الجديد H2، الذي أُطلق مؤخرا ليكون نموذجا عمليا للروبوتات البشرية، ويتميز بدقة مذهلة في الحركة وقدرة على أداء مهام واقعية مثل العمل في المصانع، الخدمات اللوجستية، ومراكز الرعاية.

يبلغ طول الروبوت مترين ويعمل بأنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة تسمح له بالتحرك بانسيابية، حمل الأشياء، والتوازن على أسطح مختلفة، ما يجعله قادرا على أداء مهام كانت حكرا على البشر، مثل العمل في المصانع، الخدمات اللوجستية، ومراكز الرعاية.

ويمثل H2 جزءا من استراتيجية صينية لتعزيز الإنتاجية وكفاءة العمل، ويدخل الروبوتات البشرية في الحياة العملية كعوامل مساعدة للعمالة البشرية لمواجهة نقص اليد العاملة وتزايد الطلب على الإنتاج والخدمات.

وفي مقطع فيديو ترويجي نُشر هذا الشهر، ظهر الروبوت طويل القامة وهو يدور ببطء، ثم يتخذ وضعية قتالية قبل أن يتحرك بانسيابية لافتة. وجهه بلاستيكي صامت يشبه الدمية، لكنه يخفي خلفه نظاماً ذكياً معقداً يجمع بين القوة الميكانيكية والتصميم العملي.

من الخيال العلمي إلى أرض الواقع

تُعد Unitree Robotics من أبرز الشركات الصينية في مجال الروبوتات، بعد أن اشتهرت في السابق بـ”كلابها الآلية” ذات الأربع أرجل. واليوم، تدخل الشركة مرحلة جديدة بإطلاق H2، وهو روبوت بطول يقارب مترين ووزن 70 كيلوغراماً، يعمل بمعالج Intel Core i5 مدعوم بشريحة NVIDIA Jetson AGX Thor المخصصة للذكاء الاصطناعي، وفقا لـ ” dailygalaxy”.

يضم الروبوت 31 مفصلاً متحركاً تمنحه حرية حركة شبيهة بالبشر، وتسمح له بالعمل لمدة ثلاث ساعات متواصلة بفضل بطارياته من نوع ليثيوم أيون.

طموح الصين: روبوتات للعمل لا للعرض

على عكس النماذج الغربية مثل “أطلس” من بوسطن ديناميكس أو “أوبتيموس” من تسلا، تركّز الصين على تطوير روبوتات عملية وميسورة التكلفة يمكنها أداء مهام حقيقية في المصانع، والخدمات اللوجستية، والرعاية الصحية.

فوفقًا لبيانات منصة Tianyancha، فازت شركة Unitree وحدها بـ 25 مشروعا حكوميا في النصف الأول من عام 2025، بينما حصدت منافستها Ubtech عقوداً بمئات الملايين من اليوانات لتوريد روبوتات عاملة للمصانع الصينية.

وجه بلا مشاعر… ورسالة مثيرة للتساؤل

أكثر ما لفت الأنظار في H2 هو تصميمه البشري بوجهٍ جامدٍ خالٍ من التعبير، مزوّد بعدستين تعملان كعينين.

يقول الدكتور تينغ تشاو، خبير أخلاقيات الروبوتات في جامعة تسينغهوا: “الأمر لا يتعلق بجعل الروبوت يشبه الإنسان فحسب، بل بتصميمه ليعمل في بيئات مخصصة للبشر. لكن عندما تعطي آلةً وجهاً بشرياً، يبدأ الناس بتوقع المشاعر منها، لا الأداء فقط.”

قدرات تفوق التوقعات

يستطيع H2 توليد عزم دوران يصل إلى 360 نيوتن/متر في ساقيه، ما يمكّنه من رفع الأشياء الثقيلة والتوازن على أسطح غير مستقرة.

كما زُوّد بكاميرات واسعة الزاوية وميكروفونات مدمجة، ما يتيح له إدراك البيئة المحيطة والتفاعل الصوتي البسيط مع البشر.

الروبوتات تدخل المصانع والمنازل

وفقاً لتقارير استثمارية صينية، شحنت Unitree أكثر من 1400 روبوت بشري خلال عام 2024، لتتصدر العالم من حيث حجم الإنتاج.

وتشير التقديرات إلى أن روبوتات Ubtech وصلت إلى كفاءة تعادل 30٪ من أداء الإنسان في العمل الصناعي، مع توقعات بتجاوز 50٪ بحلول عام 2026.

هذا التوجه تدعمه الدولة الصينية بقوة، إذ أدرجت بكين صناعة الروبوتات البشرية ضمن “القطاعات الاستراتيجية الناشئة” في خطتها الخمسية الحالية، لمواجهة تحديات الشيخوخة ونقص العمالة البشرية.

الإنسان والآلة.. شركاء المستقبل

تؤكد التقارير أن الصين تسعى لجعل الروبوتات مكملاً للقوى العاملة، لا بديلاً عنها. فبحلول عام 2035، من المتوقع أن يكون أكثر من 30٪ من سكان الصين فوق سن الستين، ما يجعل الأتمتة حلاً عملياً لسد فجوات العمالة.

ومع أن التحديات التقنية ما زالت قائمة مثل التنسيق بين البرمجيات وأجهزة الاستشعار في ظروف واقعية — فإن الروبوت H2 يمثل خطوة متقدمة نحو عصر يصبح فيه الروبوت زميل عمل حقيقي لا مجرد عرض تجريبي.

ويقول الخبراء إن الهدف لم يعد صنع روبوت يشبه الإنسان، بل روبوت يساعد الإنسان في تحمل الأعباء التي لم يعد قادرا على تحملها.

زر الذهاب إلى الأعلى