ابتكار ثوري لحماية طائرات المستقبل من الصواع

كريترنيو/ متابعات /دبي / عماد الدين إبراهيم
في خطوة هائلة نحو تعزيز أمان أجيال الطائرات القادمة طور مهندسو الفضاء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أداة تنبؤ بالصواعق تعتمد على الفيزياء، بهدف حماية الطائرات ذات التصاميم غير التقليدية، التي يستكشفها قطاع الطيران اليوم. هذه الأداة الواعدة لا تتنبأ فقط بأماكن ضرب البرق، بل ترسم خرائط دقيقة لتقسيم المناطق تحدد الأجزاء التي تحتاج إلى مستويات مختلفة من الحماية، ما يعد ثورة في معايير السلامة والكفاءة.
تحدي التصاميم الجديدة
اعتمدت أنظمة الحماية من الصواعق على خبرة وتاريخ حافل مع الطائرات ذات الهيكل التقليدي «الأنبوب والجناح»، ولكن مع سعي قطاع الطيران لابتكار تصاميم جديدة – مثل هياكل الأجنحة المدمجة والأجنحة المدعمة بالجمالون – لخفض استهلاك الوقود والوزن ظهرت فجوة معرفية حول كيفية استجابة هذه الأشكال غير المألوفة لضربات البرق، التي تصيب ما يزيد على 70 طائرة يومياً!
تؤكد الدكتورة كارمن غيرا-غارسيا، الأستاذة المساعدة في علوم الطيران والفضاء في MIT، أن «الأساليب القائمة على الفيزياء عالمية، ولا تتأثر بنوع الهندسة أو نوع المركبة»، مشيرة إلى أن البيانات التاريخية لم تعد كافية لتأمين هذه التكوينات الجديدة.
كيف تعمل الأداة الثورية؟
النهج الجديد، الذي نُشرت نتائجه في دراسة بمجلة IEEE Access، يأتي استكمالاً لعمل سابق تنبأ بنقاط الاصطدام الأول للبرق، أما الأداة الحالية فتخطو خطوة أبعد للتنبؤ بـ«اكتساح» البرق لسطح الطائرة.
عندما يضرب البرق (الذي عادة ما يلتصق بحافة حادة أو طرف) لا يبقى ثابتاً، بل ينجرف تياره فوق السطح مع اندفاع الطائرة في الهواء. هذا الاكتساح هو ما قد يلحق الضرر بالأجزاء الحساسة. يبدأ الفريق بتحديد شكل الطائرة، ومن ثم يحاكي ديناميكيات الموائع (تدفق الهواء حول الطائرة) بسرعات وارتفاعات وزوايا ميل محددة.
لكل نقطة اتصال أولية يحاكي النموذج عشرات الآلاف من مسارات قوس البرق المحتملة لتتبع تدفقه عبر السطح.
يحول هذا التمثيل الإحصائي إلى خريطة لتقسيم المناطق تبرز الأجزاء المعرضة لمخاطر متفاوتة، ما يشير إلى مستوى الحماية المطلوب.
تحسين السلامة وتخفيف الوزن
يتمثل الهدف الأسمى لهذا التقسيم الجديد للمناطق في تحسين وزن الطائرة دون المساومة على السلامة. يشرح ناثانيال جنكينز، المؤلف الرئيسي وطالب الدراسات العليا، أن «حماية الطائرات من الصواعق أمر ثقيل، فدمج رقاقة نحاسية في جميع أنحاء الطائرة يضيف وزناً إضافياً»، لذا تمكن هذه الأداة المصممين من تحديد المناطق التي تحتاج فقط إلى حماية مكثفة (مثل المناطق التي يبقى فيها قوس البرق لفترة طويلة) وتخفيف الوزن في أماكن أخرى.
وقد أثبت الباحثون صحة طريقتهم على هياكل «الأنبوب والجناح» التقليدية، حيث تطابقت خرائطهم المعتمدة على الفيزياء مع التصنيفات المعمول بها في الصناعة منذ عقود، ويعد هذا النجاح بمثابة تأييد قوي لتطبيق النهج على التصاميم المبتكرة وغير المختبرة.
الرؤية لا تتوقف عند الطائرات فحسب؛ فالدكتورة غيرا-غارسيا تستكشف بالفعل تطبيق نموذج الحماية من الصواعق على تقنيات أخرى مثل توربينات الرياح، حيث يعزى حوالي 60% من خسائر الشفرات إلى الصواعق، وخصوصاً مع التوجه نحو التوربينات الأكبر حجماً في المناطق البحرية.