الكدر وجبة لحج الشعبية الأولى..ما السر في أسباب تراجعها؟
كريترنيوز/تحقيق/خلدون البرحي
كانت وجبة الكدر الوجبة الشعبية الأولى في محافظة لحج، خاصة في مديرية تبن والحوطة، وكان شهر رمضان الفضيل موسمها المناسب، حيث كانت المائدة في كل منزل، إلا أن هذه الوجبة بدأت تتقلص حضورها مؤخراً قبل أن تشهد تواجد نادر في هذا العام ويقتصر تواجدها في السوق فقط،
سمانيوز ترصد الأسباب الرئيسية خلف غياب هذه الوجبة عن موائد الأسر في محافظة لحج عبر هذا التحقيق الصحفي.
تعتبر وجبة الكدر من الوجبات الشعبية التي تلقى رواجاً كبيراً ينطلق من فائدتها الغذائية الكبيرة، باعتبارها وجبة طبيعية خالصة تزرع في أراضي المحافظة وتباع في الأسواق، وقد كانت تعتمد الكثير من الأسر الزراعية عليها في معيشتها اليومية، وهي تحضى باهتمام مواطني مديرية تبن والحوطة والعديد من المواطنين من مختلف المديريات والمحافظات المجاورة، وقد كانت تباع في أسواق الحوطة، ولها مطاعم في منطقة الخداد، يأمُوها الكثير من المواطنين، ومن بينهم مواطنون من العاصمة عدن ومحافظة أبين، قبل أن تصبح أثراً بعد عين، إلا أنه استحدث مطعم آخر يقدم وجبة الكدر ينشط في الأيام العادية ويغلق أبوابه في شهر رمضان .
•أسباب تراجع الكدر:
تشترك الكثير من العوامل والأسباب في تراجع هذه الوجبة وترتبط ارتباطا وثيقا، تلك العوامل والأسباب التي عجّلت في تراجع وجبة الكدر وصولا إلى ندرة تواجدها واقتصار حضورها عبر بعض الباعة في أسواق مدينة الحوطة.
ويقول الإعلامي متعب عوض صالح أن أسباب تراجع وجبة الكدر بشكل عام وفي شهر رمضان بشكل خاص جاءت للعديد من الظروف والعوامل من أهمها هجرة مواطني الأرياف إلى المدن وبيع الأراضي الزراعية وتحويلها إلى مناطق سكنية،
ويضيف متعب” التكاليف الكبيرة المشتركة في عملية زراعة الحبوب وقلة العوائد المادية لمن تبقى من المزارعين اجبرتهم للتوجه إلى زراعة محاصيل أخرى يرون فيها الكسب السريع والسهل.
•اجتياح المدنية:
وأشار متعب إلى أن الانفتاح الثقافي وانتشار وسائل الإعلام وعدم ارتباط الأجيال بالماضي وغزو الوجبات سهلة الطباخة، وتخلي المواطنين عن النوافي والحطب والاعتماد على الطباخات العاملات بالغاز، إلى جانب اختفاء الأحواش والبناء عليها نتيجة عدم قدرت الأسر في مديريتي تبن والحوطة من شراء الأراضي والبناء عليها لأولادهم كانت من الأسباب التي أسهمت وعجلت في تراجع وجبة الكدر بشكل كبير.
•الحطب والكدر:
تعتمد طباخة وتجهيز وجبة الكدر على الحطب بشكل أساسي وأصبح توفيره اليوم صعب جداً.
تقول الوالدة عليا سالم كرد احدى بائعات الكدر في سوق الحوطة أن الحصول على الحطب أصبح أمر شاق جدا.
وأضافت أنها تتجه في بعض الأحيان إلى شراء حزمة الحطب الوحدة بمبلغ يصل إلى 2000 ريال يمني وهذا يسبب تكاليف إضافية لصناعته (خبزه) لهذا الكثير من الأسر ابتعدت عن الإهتمام بهذه الوجبة.
مشيرة إلى أنها تبيع الكدر منذ سنوات طويلة، وهي لا تحصل على المردود الكافي من عملية البيع، لافتة إلى أنها تضطر إلى إعادة نصف الكمية في بعض الأيام، وفي أيام أخرى تقوم بتوزيعها على من تجده في طريقها.
•صناعة الكدر:
وتقول الوالدة عليا: إن صناعة الكدر تبدأ من خلط طحين الغربة مع القليل من طحين البر وتمزج الطحين مع الماء والملح والخميرة (الشتوة)، ثم يترك لما يقارب ساعة من الزمن وهو مغطى باحكام حتى يتخمر (يشتى).
بعدها تجري عملية تقطيعه بشكل كُرات صغيرة وتركها.
مبينة أنه في تلك الأثناء يتم إشعال الحطب في النوفى أو الموفى والانتظار حتى يخفت الاشتعال، عندها يتم تطويع كُرات الكدر بشكل دائري وإدخالها إلى النوفى وتغطية فوهته حتى تستوي في مدة تستغرق من 10-15 دقيقة. ذاكرة إلى أن طباخة أو صناعة الكدر إذا كانت للمنزل. يضاف أثناء الخبازة معه الصيد (السمك) ووضعه على الجمر حتى ينجحا (يستويان) مع بعض بعدها يتم اخراجهم وتقديمهم للأكل، وإذا كان الكدر للبيع فيطبخ بشكل منفرد.
•تقديم الوجبة:
يقول سند عبدالله أحمد أحد مواطني محافظة لحج” أن وجبة الكدر تحتوي على الكثير من العناصر المغذية للجسم.
موضحا إلى إن وجبة الكدر لا تكتمل إلا بوجود الكثير من الملحقات والمرفقات لها.
مؤكداً أن من بين تلك الملحقات والمرفقات الصنونة التي تمتلئ بالبامية والبطاط (البطاطس) والجنضال (البادنجان) إلى جانب الحلبة والبقل (الفجل) والكراث والجرجير والسمك المجمر.
منوها إلى أنه يمكن تناول الوجبة بطريقتين، الأولى وهي المعتادة من خلال غمس أجزاء الكدر (اللقمة) في الصانونة والحلبة، ومن ثم ابتلاعها مع الملحقات الموجودة، والطريقة الثانية من خلال تقسيم الكدر إلى أجزاء صغيرة وخلطها في إناء مع الصانونة والحلبة وإضافة السليط الحالي إليها وتناولها مع ملحقاتها وهي الطريقة التي يفضلها الكثير من عشاق وجبة الكدر.
•أسباب أخرى:
تبدل الأوضاع وتغير الأحوال والظروف الاقتصادية التي يمر بها الجنوب منذ ما سمي بالوحدة اليمنية، كانوا أيضا من الأسباب التي أدت إلى تراجع وجبة الكدر وصولا إلى ندرتها وهي ذات الأسباب التي كانت تقف خلف تغييب الكثير من العادات والتقاليد والوجبات والثقافات التي يجتهد الجنوبيين اليوم في محاولات حثيثة في الحفاظ عليها أو استعادة ما تم تجريفه وطمره بشكل متعمد لطمس هوية شعب بأكمله.