استطلاعات

عقب 8 سنوات دامية .. هل بات اليمن والجنوب على أعتاب سلام مستدام؟

كريترنيوز استطلاع/ عبدالله قردع

ألا يكفي 8 سنوات من القتل والدمار والتجويع والخوف والقلق والضغط النفسي والجسدي؟
•ألا يكفي 8 سنوات من النزوح والتشرُّد وانعدام الأمن الغذائي والأمني والعيش في ظلّ اللا دولة؟
•ألا يكفي 8 سنوات من النوم والاستيقاظ على رائحة البارود وأصوات المدافع والدبابات وصفير وأزيز الرصاص والطائرات وفجائع الألغام والعبوات الناسفة؟
ألا يكفي 8 سنوات من غياب الدولة وتفشّي الظواهر السلبية الخطيرة بأوساط المجتمع كالمخدرات والسلاح والسرقة والقتل والبلطجة.. الخ؟
•ألا يكفي 8 سنوات من الاحتقان والشحن السلبي المتبادَل وتشبُّع الصغار والكبار بثقافة الكراهية والقتل والانتقام والعنف المتبادَل؟
•ألا يكفي 8 سنوات من قلق وخوف الأمهات على أبنائهن فلذات أكبادهن المرابطين في الجبهات؟
•ألا يكفي 8 سنوات أو ما يعادل 2800 يوم أو أكثر ونحن نتصدر مانشات الأخبار المُفجِعة والمعاناة بكل أشكالها على الشاشات والصحف والمواقع الإلكترونية العربية والعالمية؟
ألا يكفي 8 سنوات ونحن في دوامة السياسة التأديبية المفتعلة القاتلة؟
•ألا يكفي 8 سنوات من تصدُّر بطولة المشهد التراجيدي الدامي؟ لقد سئم الشعبان اليمني والجنوبي من الحُقن المهدئة ومن الحلول الترقيعية ومن الاستمرار في دفع فاتورة الحرب الباهظة طويلة الأمد وبات يبحث عن بصيص امل يعيد إلى ربوع البلدين السلام المستدام.

وفي ضوء تصريحات وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود التي أدلى بها قبل بضعة أيام خلال حديثه بإحدى جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس قال فيها إنه يتم تحقيق تقدُّم صوب إنهاء حرب اليمن وأن الصراع المستمر منذ ثمانية أعوام لن يحِل إلا من خلال تسوية سياسية، وأن هذا يجب أن يكون محور التركيز، وبالإمكان القول إن هناك تقدُّماً يُحرز لكن لا يزال هناك عمل يتعين القيام به.
ومضى الوزير السعودي قائلاً : إن المطلوب الآن هو إيجاد طريقة لإعادة العمل بالهدنة وتحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار، لكنه أشار إلى أن إمكانية حدوث ذلك أمر غير واضح الآن، وأن هناك عقبات كبيرة في الطريق.

وعلى ضوء ما تقدم أجرت صحيفة «سمانيوز» استطلاعاً التقت خلاله عدداً من المتابعين والمحللين السياسين الجنوبيين وطرحت عليهم الأسئلة التالية : هل هناك دلائل ومؤشرات إيجابية تدفع بهذا الاتجاه أو يمكننا البناء عليها؟ وماهي ملامح أو طبيعة تلك التوافقات أو الحلول المنشودة؟ وما الذي تراه مناسباً و تطمح للوصول إليه وخرجت بالحصيلة أدناه..

التسويةُ هي الخيار الذي يَفرض نفسه على كل الأطراف :

وكانت البداية مع الأستاذ القدير محمد عبدالله الموس الذي قال : من الواضح أن الخيارات العسكرية فشلت وهذا أمر أدركته كل الأطراف، ولا نستبعد أن يكون الصراع في اليمن والجنوب العربي له تأثيره السلبي على التقارب السعودي الإيراني، هذا تكهُّن وليست معلومات، ونتيجة لفشل الحلِّ العسكري وإذابة الخلاف السعودي الإيراني فإن التسوية هي الخيار الذي يَفرض نفسه على كل الأطراف المحلية والإقليمية.
وأردف قائلاً : صحيح أن الحديث يجري على الشقِّ الإنساني لكن بمجرد الوصول إلى حلٍّ لهذا الجانب فهذا يعني أن الأطراف ستتذوق طعم السلام ويصبح الوصول لحلٍّ نهائي ميسوراً بشكل أو بآخر، الشقّ السياسي مهم لكن بمجرد اعتراف الأطراف باستحقاقات الحلّ السياسي سيشكّلُ ذلك نصف الحل، وغني عن القول إن مستقبل الجنوب مرهون بوحدة أبنائه بأن يترفّعوا عن وهم إلغاء الآخر ويدركوا أن الجنوب لكل وبكل أبنائه.

مَنْ يفاوض مَنْ؟

وتساءل القيادي بانتقالي العاصمة عدن الأستاذ هشام الجاروني قائلاً : من يتفاوض مع من؟ للأسف لقد فقدت الأطراف الموالية للتحالف فرصة المشاركة والضغط على الحوثيين، والحوار أو التفاوض بالأصح الجاري الآن هو عبثي رغم وجود دعم حقيقي من المجتمع الدولي لإيقاف الحرب، كما أن الهدنة واردة ولكن إيقاف الحرب له تبعات ويجب أن يكون عادلاً لكلّ الأطراف وإلا فمصيره الفشل، وللأسف إن بعض دول الإقليم تلعب بورقة خلافات الأطراف الموالية لها لتكون هي المتحكّم بالمشهد السياسي وهذا هو مايضعف موقفها ويقوي من الموقف الحوثي، ومايتمّ تسريبه حتى الآن عن المفاوضات الجارية ليس هو الحقيقة بل هو بعيد عن الحقيقة، نعم ظهرت بوادر حُسن نية للطرفين السعودي والحوثي استعداداً للقادم من مفاوضات إيقاف الحرب عبر المفاوضات السياسية ومايحدث الآن هو البحث عن مقارَبة سياسية بين السعودية والحوثيين لمفاوضات الحلِّ النهائي.

سقفُ الجنوبيين هو الاستقلال :

وتابع الأستاذ الجاروني حديثه قائلاً : نتمنى أن تتم هذه العملية بما لايتعارض مع تضحيات شعب الجنوب واعتقد أن فكرة العودة للمربع الأول وحكاية مخرجات الحوار قد تُفشل أيَّ مفاوضات جارية حيث السقف العالي للجنوبيين هو الاستقلال والغالبية متمسّكة فيه ولايجرؤ أيُّ زعيم سياسي أن يتنازل عنه، لكن المتغيرات في السياسة واردة جداً وهي ماستبينه المفاوضات في الأيام القادمة. واعتقد أن الأمور ليست بذاك السوء للجنوبيين لكنها بالتأكيد لن تكون بنفس الطموح والأحلام التي نتمناها وهذا أيضاً ماسيثبته مستوى صلابتنا وتلاحمنا ونبذ انقساماتنا.
وأضاف بالقول : الانتقالي الآن يسير بقوة وثبات على المستوى السياسي والعلاقات الدولية وهو يعزِّز من مكانته يوماً بعد يوم، لكننا لازلنا نمشي ببطئ على المستوى الداخلي رغم الجهود الكبيرة التي تُبذل من قيادة الانتقالي، كما اتمنى إن تتوقّف الحرب وأن تكون لنا كلمة مسموعة في الحلِّ النهائي وأن تعيد دول التحالف قراءة الموقف بشكل أكتر دقّة بعيداً عن حسابات الخروج الآمن حتى ولو كان على حساب الجنوبيين الذين قدّموا الكثير والكثير وهم ليسوا مستعدين أن يكونوا قرباناً لذلك الخروج الآمن، الأمنيات كثيرة لكن قراءة متأنية للواقع تقول إن حلم السلام المستدام لازال بعيداً في ظلِّ عجرفة القيادات الحوثية وتراخي الإقليم، والغريب في كلّ تلك المشاهد انهزامية الشرعية بل ذلك التماهي مع المشروع الحوثي، وهو أحد أسباب التراجع للتحالف عن مشروع إعادة الشرعية إلى صنعاء بعد ثمان سنوات من الحرب الكل يريدها أن تتوقف ليتوقّف نزيف الدم فذلك لن يجلب إلا المزيد من الدم والدموع والخراب، ولا أحد باستطاعته دفع كلفتها إلى مالا نهاية ، السلام هو الحلُّ لكنه يجب أن يكون سلاماً عادلاً. الجنوبيون غير مستعدين لأن يُحشروا في خانة المظلومية مرة أخرى لأنه عندها سيظلُّ السلام هشّاً وفي خطر.

لا يمكن للسعودية القبول بنسخة من حزب الله في خاصرتها الجنوبية :

فيما يرى الناشط السياسي والقيادي بالحراك الجنوبي الأخ عوض محمد صائل : إن الكلام عن سلام مستدام يظلُّ مجرد شراء للوقت وإنما بانتظار حدوث متغيرات دولية يأتي في مقدمتها احتمال خروج الحزب الديمقراطي الأمريكي من البيت الأبيض، إذ إن إدارة بايدن كانت أكثر تشدُّداً ضد الحليف السعودي فالمملكة تحاول الآن تمديد حالة اللا حرب واللا سلام مع الحوثي من خلال تسهيل بعض الجوانب الإنسانية لتمديد واستمرار هذه الحالة التي تتجنب فيها أي هجمات حوثية على منشآتها الاقتصادية وكذلك موانئ تصدير النفط التابعة للشرعية اليمنية ولو مؤقتاً حتى تنضج كثير من الأمور السياسية والترتيبات الخاصة التي من شأنها وضع نهاية حقيقية للحرب سياسياً أو بالضغط العسكري، فلا يمكن للمملكة أن تقبل بنسخة من حزب الله في خاصرتها الجنوبية ولا يمكن لجنوب العرب أن يقبل بشراكة ولاية الفقيه، إذاً لا سلام مستدام إلا بعودة نظام الدولتين شمالاً بما لا تكون فيه غلبه لانصار إيران وجنوباً عربياً، وأي محاولة لتسويات أخرى تقفز عن واقع قضية الجنوب فمصيرها الفشل وتؤسس لصراع وحروب قادمة، وأي كلام عن ضمانات حوثية لأمن المملكة لا تعدّ مجرد احتيال يمني تدرك خطورته المستقبلية المملكة .

حلُّ الدولتين هو المخرجُ الصحيح :

وبكلمات مختصرة يرى القيادي بالحراك الجنوبي الشيخ سالم منصور الجرادي : إن حلَّ الدولتين هو المخرجُ الصحيح وأن غير ذلك مجرد مضيعة للوقت، مشيراً إلى أن أيّ تفاهمات أو هُدن لاتخدم القضية الجنوبية ولا تتماشى مع طموح شعب الجنوب وتعطي الحوثي أكبر من حجمه مصيرها الفشل.

يبدو أن هنالك خارطة طريق جديدة قادمة إلى المنطقة :

وكان الناشط السياسي علي محمد العميسي الكازمي مسكُ ختام الاستطلاع حيث قال :
على ما يبدو أن هنالك خارطة طريق جديدة قادمة إلى المنطقة خاصة بالملف اليمني، حيث كانت الحلول ترتطم بواقع مغاير لما يُطرح على الورق من خلف الكواليس لمحاولات الالتفاف على الحقيقة والعمل لصالح الأحزاب التابعة للقوى اليمنية المرادفة للمدِّ الحوثي في المناطق المحرّرة وخاصة في الجنوب الذي لديه أمر واقع مغاير لمصالح هذه الأحزاب.
وأشار العميسي إلى أن القوى اليمنية تحاول جاهدة إلى إعادة احتلال الجنوب ولكن بطرق وأدوات أخرى غير مباشرة عبر أذرعها لضمان استمرار سيطرتها على الجنوب بغطاء آخر، ولكن كل محاولاتها فشلت عقب ارتطامها بصمام أمان الجنوب (المجلس الانتقالي الجنوبي).
ويرى العميسي أن الحلول تكمن في طرح توافق جديد مبني على حلِّ الدولتين إلى حدود العام تسعين.

زر الذهاب إلى الأعلى