تقارير وحوارات

في ظل النزاع الحالي..«المرأة السورية» صعوبات اقتصادية واجتماعية تتفاقم.

كريترنيوز /شقائق /تقرير/ سبأ الجاسم الحوري

تتعرض النساء في سوريا منذ بدء النزاع المسلح عام 2011م حتى هذا اللحظة لأشكال متعددة من المعاناة، شملت العنف، والتهجير القسري، والتمييز، وصعوبات اقتصادية واجتماعية تهدد حياتهنّ اليومية، وتؤثر على فرصهنّ في التعليم والعمل والحياة الكريمة. هذا التقرير يهدف إلى تسليط الضوء على التحديات التي تواجهها المرأة السورية في ظل النزاع الحالي، ويقدم تحليلاً للعوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تزيد من تلك المعاناة.

 

منذ اندلاع الأزمة السورية، تأثرت كافة شرائح المجتمع السوري، إلا أن النساء كنّ أكثر الشرائح عرضة للمعاناة، فقد تزايدت الانتهاكات الجسدية والنفسية ضد النساء، بالإضافة إلى الحرمان من الحقوق الأساسية. كما واجهت المرأة السورية ظروفًا قاسية في ظل غياب الحماية القانونية، وضعف الاستجابة الإنسانية.

 

ومع تزايد موجات النزوح الداخلي واللجوء، باتت المرأة السورية تتحمل أعباءً تفوق قدرتها، مما جعل من الضروري دراسة الأسباب والنتائج التي فاقمت تلك المعاناة.

 

“الظروف الاجتماعية والاقتصادية”

 

تواجه المرأة السورية ظروفاً اقتصادية قاسية في ظل تدهور الوضع الاقتصادي العام، واضطرت العديد من النساء للعمل لإعالة أسرهن بعد فقدان المعيل الأساسي. ومع ندرة فرص العمل وتدني الأجور، غالبًا ما تكون الظروف قاسية وصعبة للغاية، مما يجعل حياة المرأة محفوفة بالمخاطر المادية والنفسية.

التعليم: انخفضت نسبة التحاق الفتيات بالتعليم، حيث اضطر العديد منهن إلى ترك المدارس بسبب النزوح أو التهجير أو الاضطرار للعمل للمساهمة في دعم الأسرة. وهذا أدى إلى تزايد معدلات الأمية وانخفاض فرصهنّ في تحسين ظروفهنّ المعيشية.

 

الانتهاكات الجسدية والنفسية:

 

العنف الجسدي والنفسي: تتعرض المرأة السورية لأشكال مختلفة من العنف، منها العنف الجسدي والنفسي المرتبط بالحرب، والعنف الأسري المتزايد بسبب ضغوط النزوح. وقد سُجلت العديد من حالات التحرش الجنسي والعنف الجنسي الذي تتعرض له النساء في مناطق النزاع أو في مخيمات النزوح واللجوء.

الزواج المبكر: ازدادت حالات الزواج المبكر بين الفتيات السوريات نتيجة الظروف الاقتصادية القاسية، مما يعرضهن لمشاكل صحية ونفسية خطيرة، ويمنعهنّ من متابعة التعليم أو ممارسة حقوقهنّ الأساسية في النمو والحرية.

 

التحديات الصحية:

 

تواجه النساء في سوريا صعوبات كبيرة في الوصول إلى الرعاية الصحية، وخاصة في المناطق الريفية والمناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، ويشمل ذلك الرعاية الصحية للأمهات، والعناية النفسية، والخدمات الصحية الجنسية والإنجابية، مما يزيد من مخاطر تعرضهنّ لمشكلات صحية كبيرة.

الصحة النفسية: أثرت الظروف الصعبة للنزاع على الصحة النفسية للمرأة السورية، حيث تزايدت حالات الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، دون وجود برامج دعم نفسي فعالة في معظم المناطق.

 

التمثيل السياسي للسوريات

 

لا تزال المرأة السورية تعاني من ضعف التمثيل في المشهد السياسي، سواء في الهيئات الحكومية أو المعارضة، ويُعزى ذلك إلى التمييز التقليدي، وغياب آليات الدعم التي تُمكن المرأة من المشاركة الفعالة في عملية صنع القرار السياسي.

 

ضعف الحماية القانونية

 

تعاني النساء السوريات من غياب القوانين التي توفر لهن الحماية من العنف والانتهاكات، ما يجعلهن عرضة لمزيد من التهميش والانتهاك، خاصة في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة حيث لا تُطبق القوانين بشكل فعّال.

 

التحديات الإنسانية:

 

النزوح واللجوء: حيث أجبرت الحرب ملايين النساء السوريات على ترك منازلهن، مما تسبب في تفاقم المعاناة. تعيش العديد من النساء في مخيمات النزوح أو اللجوء التي تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة، مما يعرضهنّ للعنف والمخاطر الصحية.

 

الإعالة والمساواة: تتحمل المرأة السورية في هذه الظروف عبء إعالة الأسرة، سواء كانت زوجة أو أم أو ابنة. وتواجه النساء السوريات في المخيمات تحديات عديدة، تشمل نقص الغذاء، المياه، والرعاية الصحية، وافتقار الأطفال إلى التعليم، مما يزيد من معاناتهنّ.

 

التوصيات:

 

كما يتطلب تحسين أوضاع المرأة السورية تعزيز برامج المساعدات الإنسانية التي تركز على توفير الرعاية الصحية، والتعليم، والحماية القانونية، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى أبسط الخدمات.

 

تشجيع التمكين السياسي: يتعين العمل على تعزيز مشاركة النساء السوريات في صنع القرار على المستويات كافة، وضمان تمثيلهن في عمليات الحوار السياسي لتحقيق السلام والمصالحة.

 

إطلاق برامج الدعم النفسي: ضرورة توفير برامج الدعم النفسي للنساء المتأثرات بالنزاع، خاصة في المناطق المتضررة، لتأهيلهن للتغلب على التحديات النفسية والصحية والاجتماعية.

 

تعزيز القوانين التي تحمي المرأة: العمل على إقرار وتفعيل قوانين تحمي حقوق النساء، وتكافح العنف والتمييز ضدهن، مع التأكيد على تطبيق هذه القوانين بشكل صارم.

 

كما تعكس معاناة المرأة السورية صورة مؤلمة عن التداعيات الإنسانية للنزاع المستمر في سوريا، فهي تتحمل أعباءً مضاعفة نتيجة غياب الاستقرار السياسي، وانعدام الأمن، وغياب برامج الحماية والدعم الكافية. وعلى الرغم من ذلك، تظل النساء السوريات قادرات على لعب دور محوري في بناء المجتمع وإعادة إعماره، إذا تم توفير الظروف والدعم اللازمين لتمكينهن وحمايتهن.

Back to top button