أعادت للأذهان سيناريو اجتياح الجنوب صيف 1994.. توظيف سياسي يمني تحريضي جديد ضد شعب الجنوب

كريترنيوز / تقرير
عقب مضي أكثر من 31 عاماً على إصدار التحالف اليمني (العسكري، القبلي، وتنظيمات الإرهاب الإخوانية المحلية والمستوردة الموالية له) فتاوى تبيح الحرب على الجنوبيين، وتحلل دماءهم وأموالهم وممتلكاتهم الخاصة والعامة، تعيد تلك القوى اليمنية مضافاً إليها مليشيات الحوثي (الشيعي فارسية يمنية) إنتاج تلك الفتاوى الظالمة، ولكن تحت عناوين ومبررات أخرى مؤدية إلى نفس الغرض، ألا هو التجييش لغزو الجنوب مجدداً، بدلاً من تحرير صنعاء ومحافظات شمال اليمن من الغزو الشيعي فارسي.
ويرى مراقبون أن تكثيف القوى اليمنية حملاتها المسعورة ضد الجنوبيين، هدفه صرف الأنظار عما يحدث في العاصمة اليمنية صنعاء وبقية محافظات اليمن الشقيق، من نشر للدين الشيعي الفارسي المتعارض مع كتاب الله وسنة رسوله، بل والمحرض على تدمير المقدسات الإسلامية في مكة والمدينة واستبدالها بأضرحة دينية مستوردة من إيران وكربلاء بالعراق.
توظيف سياسي يمني للفتاوى الإسلامية ضد الجنوبيين:
أسطوانة مكررة وظفت خلالها القوى اليمنية الدين الإسلامي (سياسياً)، جعلت منه جسر عبور لتحقيق مآرب جيوسياسية خبيثة، قتل الآخرين واستباحة أعراضهم وسرقة أرضهم وممتلكاتهم، عبر أدلجة وصياغة فتاوى أعدت خصيصاً لخدمة المخطط السياسي، والمساعدة على تحشيد الجهود لإنجاحه.
منتصف سبتمبر الجاري، نشر الداعية اليمني الإخواني محمد عبد المجيد الزنداني المقيم في تركيا، وهو نجل الشيخ الزنداني، مخطوطاً إعلامياً مطولاً ادعى خلاله قيام فريق إعلامي إسرائيلي بزيارة عدن، داعياً الجحافل اليمنية لإعادة التحشيد ضد الجنوبيين.
ويرى مختصون ووسائل إعلام أن التوظيف السياسي للفتاوى الدينية، سواءً عبر منابر المساجد أو شاشات الفضائيات أو مواقع التواصل الاجتماعي، يعمق ثقافة الكراهية في المجتمعات وبين الشعوب، وينشط في بؤر الصراعات المسلحة العربية. أصبح الدين مجرد أداة سياسية لاستباحة دماء الخصوم بأيدي حكام بعض الدول العربية، أو الجماعات الإسلامية المتشددة المصنوعة على أيدي دول معادية للدين الإسلامي، استخدمت تلك الجماعات مجرد أدوات لتدمير الجيوش العربية.
وفي هذا الإطار، كشفت وسائل إعلام عربية أن حزب “التجمع اليمني للإصلاح”، أصدر عبر ذراعه الدينية “هيئة علماء اليمن”، في بداية سبتمبر 2019، فتوى اعتبرت فبها المجلس الانتقالي الجنوبي “كياناً متمرداً”، وهو ما يعد امتداداً لفتوى العام 1994م، وصفت الهيئة الجنوبيين وقتئذٍ بـ”المرتدين عن الوحدة”، والمجلس الانتقالي بـ”المتمرد”، ودعت للتعامل معه بالقوة.
وسبق أن كان الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح يوظف سلاح الفتاوى في مواجهة خصومه بعد ثورة 2011، إذ أصدرت “جمعية علماء” اليمن المرتبطة بالنظام، في 30 سبتمبر 2011، فتوى بحرمة التظاهرات الاحتجاجية السلمية، داعية السلطات للقيام بمسؤولياتها المتمثلة في تأمين المرافق والمنشآت وإخلاء المدارس والجامعات، لأن ذلك يعد “جهاداً في سبيل الله”.
وأكد علماء الدين، في بيان لهم، أن “المظاهرات والاعتصامات التي ينظمها شباب الثورة ومعارضو النظام “محرمة شرعاً وقانوناً، لما يترتب عليها من مفاسد، ولما تحمل من شعارات مخالفة للشرع”. ووجه العلماء الدعوة إلى الشعب لـ”الالتزام بالبيعة المنعقدة في ذمتهم والوفاء بها”، في إشارة إلى انتخاب الرئيس صالح عام 2006، و”عدم الخروج على ولى الأمر”، الذي يعتبر، في رؤيتهم، “من أعلى درجات الخروج”.
في حين انتقد محمد الحزمي، الناطق باسم “هيئة علماء الدين”، بيان “جمعية العلماء”، قائلاً: “إن بيان نظرائهم في الجمعية عبارة عن بيان عسكري صادر عن قيادة الأمن المركزي والحرس الجمهوري، تم إلباسه لباس العلماء كي يبرروا للرئيس علي عبدالله صالح سفك المزيد من الدماء، وإعلان الحرب الشاملة على أبناء شعبه”.
خلاصة القول، بحسب “مركز المستقبل”، إن ثمة إقحاماً للدين بوجه عام وتوظيفاً للفتاوى بشكل خاص في الخلافات والصراعات السياسية في المنطقة، على نحو ما انطلق في ليبيا واليمن وسوريا والعراق، وهو ما يزيد من مضاعفات عدم الاستقرار لأنه يؤدي إلى حشد مختلف الأطراف، بمن فيهم الجماعات المتطرفة والميلشيات المسلحة، إلى “حرب دينية” للانخراط في القتال باسم الله وتحت راية الجهاد، في حين تعتبر بعض الكتابات الفتاوى الدينية أحد أدوات حروب “الجيل الخامس” التي تهدد أمن الدول واستقرار المجتمعات.
تحالف خفي بين جماعة الإخوان وإسرائيل:
وبحسب تقرير لمجلة حفريات المصرية، كشف خبراء وأكاديميون مصريون عن تحالف خفي بين جماعة الإخوان المسلمين، المصنفة إرهابية، وإسرائيل، يقوم على مرجعية دينية راديكالية تهدف إلى السيطرة وتمزيق الأمة العربية.
هذا التحالف، الذي وُصف بـ”خرائط الدم”، يعتمد على أساليب دعائية متطورة وتمويل خارجي لزعزعة استقرار الدول العربية، مع استغلال الإعلام لخدمة أجندات المخابرات الغربية والصهيونية.
وقالت الدكتورة سارة فوزي، أستاذة الإعلام الرقمي بجامعة القاهرة، في تصريح لصحيفة (الوطن): إنّ الإخوان وإسرائيل يشتركان في نهج دعائي متطابق، يعتمد على استغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية توسعية.
وأوضحت: “الإخوان يستخدمون ديباجات إسلامية للوصول إلى السلطة، بينما تستغل إسرائيل الروايات الدينية اليهودية المزيفة لتبرير الاحتلال. وكلاهما يسعى لتقسيم المجتمعات وإقصاء المخالفين دينيًا وإيديولوجيًا”.
وأشارت الدكتورة سارة إلى أن الإخوان يستخدمون قنوات إعلامية مموّلة من جهات غربية وصهيونية، مثل (مكملين والشرق)، لنشر الروايات الإسرائيلية ضد مصر، خاصة في قضايا مثل فتح المعابر ورفض التهجير.
وأضافت أن الإخوان يعتمدون على تقنيات مثل “الديب فيك”، وإعادة نشر فيديوهات إسرائيلية وأمريكية لتشويه صورة مصر، متجاهلين مبادراتها الإنسانية ومواقفها الرافضة للتهجير. وأكدت: “هم نسخة عربية من القنوات الصهيونية، يروّجون للرواية الإسرائيلية بأسلوب يستهدف الشارع العربي، ممّا يكشف أنّهم متواطئون مع أجندات معادية”.
من جانبه، حذّر الباحث في شؤون الجماعات الأصولية، عمرو فاروق، من أنّ الإخوان ينفذون سيناريوهات “خرائط الدم” الموضوعة من مفكّري الغرب، بهدف إسقاط الدول العربية.
وأوضح: “الإخوان ليسوا مجرد تنظيم، بل أداة مخابراتية تُدار من لندن، وتستخدم حملات إعلامية ممنهجة لصناعة فجوة بين الحكومات العربية وشعوبها”.
وأشار إلى انتقال الإخوان من المساجد إلى الفضاء الرقمي للهيمنة على العقول، مستخدمين الشائعات والتقارير الملفقة لتزييف الوعي.
ودعا فاروق إلى إنشاء أكاديمية وطنية لمكافحة التطرف، تجمع خبراء مدنيين وباحثين لمواجهة الإخوان فكريًا. وقال: “معركة الوعي مستمرة، ولا يمكن مواجهة هذا الخطر إلا بمشروع فكري متكامل يحمي المجتمعات العربية من أجندات التقسيم”.
جنوبيون يحذرون من خبث الإشاعات الحوثي إخوانية:
رداً على التهم الكيدية والإشاعات المضللة المعادية، التي يتبناها ويبث سمومها إعلام الحوثي والإخوان المتحالفان سراً وعلناً ضد شعب الجنوب ومجلسه الانتقالي الجنوبي، أطلق ناشطون وسياسيون جنوبيون، عصر يوم الثلاثاء 16 سبتمبر 2025م، هاشتاجاً على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم:
#تحريض_اخواني_حوثي_ضد_الجنوب.
مؤكدين أن الهدف من بث إشاعة كاذبة عن تواجد فريق إعلامي إسرائيلي في عدن، في هذا التوقيت الحساس، يراد منه تشجيع عناصر الإرهاب الدولي والمحلي على استهداف العاصمة عدن، وإعادتها إلى مربع العنف للتهيئة لغزو الجنوب مجدداً.
وهاجم ناشطون وسياسيون جنوبيون القنوات التلفزيونية التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، منها قنوات (بلقيس، ويمن شباب، والمهرية)، وكذا القنوات التابعة لمليشيا الحوثي، كردة فعل على الهجوم الإخواني الحوثي ضد الجنوب.
ختاماً..
تظل الطبقات الحاكمة في اليمن الشقيق الطامعة الطامحة إلى إعادة استعمار الجنوب، تحيك الدسائس ولا تتردد في توظيف الدين الإسلامي سياسياً دون خوف من الله عز وجل. تشخصنه وتخصصه وتفصّله على الحجم والمقاس المتطابق مع توجهها السياسي، لحشد أكبر عدد من المغفلين والزج بهم في معارك عبثية.