مقالات وآراء

الإدارة المثلى

كتب: م. بشرى عباس

نقطة الانطلاقة تحدد نجاحك واتجاهك، إذا كنت تسير في الاتجاه الصحيح أو ضللت الطريق.. بريطانيا رمت الطعم للثوار بما كان يسمى بالجبهة القومية وجبهة التحرير، وقبل مغادرتها قدرت أن تعرف نهاية المسرحية وغادرت وسلمت مقاليد الحكم لأيدي أمينة!!
القائد الفذ جمال عبدالناصر قالها في ذاك الأوان مافيش فائدة دام بدأت بدم، الإدارة بواسطة الصراع ينتج مآسي، وأن تبدأ الثورة بقتل أبنائها وتشريدهم والمتفرج هو المستعمر ذات نفسه!!

نقل التجارب من الغير بحذافيرها دون أخذ الظروف الاقتصادية والاجتماعية والموضوعية والذاتية آنذاك أدى إلى فقدان التوازن، ولم يحقق النظام الهدف المرجو بالرغم من وجود نظام دولة وجيش وما إلى ذلك من التطور، ولكنها فقاعة سرعان ما تلاشت وذهبت أدراج الرياح، ما لم يكن هناك استدامة والسير قدما بوتيرة عالية، هي عشر سنوات وتلتها من العجاف أربعون ونيف، والسبب أن الكادر المتعلم والعقول هجرت أو قتلت، وبأي ذنب؟؟!!
القوميون الذين حلموا بوحدة عربية لم يكن مسارهم ونقطة بدايتهم صحيحة، وساروا إلى وحدة عمياء مع دولة القبيلة والنظام العبودي، بعد فشلهم في خلق وطن نموذجي يحوي الجميع ليكون رديئا زائد الأردى لينتج الأسوأ على الإطلاق.

المبرمجون والمصححون والمطورون يتحقق أي نجاح بالعمل وإدارة العمل وكيفية إدارته باقتدار وحرفية، وأي عمل لابد له من أخطاء في بدايته، ويعتمد كليا على المتابعة في كيفية الأداء والنتائج المرجوة من العمل، وكيفية الحصول على مخرجات تسرع من العملية المبتغاة، وبهكذا يتم مراقبة العمل والحصول على نتائج، وما لم يكن هناك متابعة ومراقبة فإن العملية تذهب أدراج الرياح والجهود المبذولة تصبح خسائر لا نتائج ولا عائد فيها، ما لم يكن تطوير الإنسان وبناؤه هو الخطوة الأولى، كما سارت وتسير الصين عن سائر دول العالم بهذه الوتيرة وبنتائج مبهرة تسبق كثير من دول العالم وتتفوق على دول الغرب الذي تدير العالم بواسطة الأزمات وسرقة المواد الخام من دول العالم الثالث.
التنافس لا يتوقف وعجلة الزمن دوارة، ونلاحظ الفارق كبيراً في الإدارة وغزو الأسواق وتحقيق المنجزات، وهذا الصعود الرأسي للتنين الصيني يغزو العالم اقتصاديا بلا منافس.

نحن بلاد العرب بلينا بالاستعمار القديم والجديد، ولم نهتم ببناء الإنسان والشخصية الوطنية وحب الانتماء والعمل، ما يجعل وتيرة التطور تسير إلى الوراء وازدياد الصراعات ناتج قلة الإيمان والارتهان للغرب، وعدم الاعتماد على الناتج المحلي من خبرات وسرعة أداء ومتابعة، تأخذنا العواطف للحنين للماضي دوماً والنظر إلى الخلف يوقف عملية التقدم.
التنظير الزائد والخارج والتغني بما ليس بمنجزات ليست على الأرض وإلقاء الشعارات الرنانة والتي مازلنا نسمعها إلى اللحظة، من يصعدون لمراكز صنع القرار ليسوا بخلاقين ولا يستطيعون إحداث أي تغيير يذكر، ويرجع ذلك لعدم وجود تقييم ومتابعة ومحاسبة لا نقل مراجعين ومطورين؟

والموضوع محتاج إلى إعادة تقييم وتدريب وتأهيل للشباب، وترتيب أولويات لإخراج البلد من دائرة الصراع المفرغة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، لا شمالاً ولا جنوباً، وأنه إنقاذ ما يمكن إنقاذه والبدء بالمناطق المحررة وإرجاع الوضع لما هو عليه قبل العام ١٩٩٠م، ونقل سلطة الشماليين إلى مناطق تعز ومأرب لبسط أيديهم على جزء من دولتهم، وتكون انطلاقة لتحرير وطنهم من أيدي العابثين، ولكم ولكل الشعوب في سنغافورة تجربة رائدة، وابدأوا من حيث انتهى الآخرون، العمر فسحة فلا تسرقوا أعمار الناس بطول أمد الصراع الذي لا يغني ولا يسمن من جوع.

زر الذهاب إلى الأعلى