عيد الجيش الجنوبي.. 54 عامًا من التضحية والصمود

كتب/ إبراهيم باصويطين
كان الجيش الجنوبي في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من أكثر الجيوش العربية تنظيمًا وتأهيلًا في تلك المرحلة، وفي الأول من سبتمبر من كل عام يقف أبناء الجنوب وقفة اعتزاز وفخر لاستذكار تاريخ عظيم ومرحلة فارقة في مسيرة نضالهم الوطني، ألا وهي ذكرى عيد الجيش الجنوبي. أربعة وخمسون عامًا مضت منذ تأسيس هذا الكيان العسكري الذي شكّل الحصن المنيع والسور الصلب للدولة الجنوبية، وأرسى دعائم السيادة والأمن والاستقرار. إنها ليست مجرد ذكرى عابرة، بل محطة وفاء لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وقدّموا أرواحهم دفاعًا عن وطنهم.
لقد تأسس الجيش الجنوبي ليكون القوة النظامية للدولة الفتية بعد الاستقلال، فكان عنوانًا للانضباط والمهنية، ومثالًا للولاء المطلق للأرض والشعب. لم يقتصر دوره على حماية الحدود من أي اعتداء، بل كان شريكًا فاعلًا في التنمية الوطنية، وداعمًا للمجتمع في أوقات الكوارث، وحارسًا للأمن والاستقرار الداخلي. كل شبر من تراب الجنوب يشهد على بطولات وتضحيات رجال هذا الجيش الذين سقوا الأرض بدمائهم الطاهرة كي يبقى الجنوب شامخًا حرًا.
لكن هذا الجيش العظيم لم يسلم من الاستهداف، فبعد الوحدة في عام 1990 تعرّض لمؤامرة خبيثة هدفت إلى تفكيكه وإضعافه وتجريد الجنوب من قوته الدفاعية، وصولًا إلى الحرب الظالمة في صيف 1994 التي أفرغت مؤسساته، وسرّحت قادته وأفراده، ونهبت أصوله، في محاولة لإحكام السيطرة على الجنوب. ورغم كل تلك المؤامرات، ظلّت روح الجيش الجنوبي حيّة في وجدان أبنائه، وها هم اليوم يستلهمون من تاريخه العريق عزيمتهم، ويعيدون بناء قواتهم المسلحة والأمنية بعد الغزو الثاني للجنوب عام 2015 الذي شنته مليشيات الحوثي وبقايا النظام اليمني.
إن الاحتفال بالذكرى الـ54 لعيد الجيش الجنوبي ليس مجرد وقفة لتذكر الماضي، بل هو تجديد للعهد والولاء لمبادئ الشرف والتضحية والفداء. هو تأكيد أن الاستقرار والسلام لا يتحققان إلا بوجود قوة عسكرية وطنية تحمي الأرض وتصون الكرامة. واليوم، يقف الجنوبيون شامخين، متسلحين بتاريخهم المشرق المضيء، ومصممين على استعادة دولتهم الجنوبية، مستلهمين من بطولات رجال الجيش الجنوبي الأوائل قوة الإرادة وصلابة الموقف.
إنها ذكرى نرفع فيها رؤوسنا عاليًا، ونقول: المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، والعزة والكرامة للجنوب وجيشه الباسل، والنصر الحتمي لأمة أرادت الحياة.
#ذكرى_عيد_جيش_الجنوب