مقالات وآراء

التمكين المفقود.. أبناء المهرة بين الآمال والخيبات

بقلم /عماد باحميش

 

أصبحت عبارة “تمكين أبناء المهرة”، في الآونة الأخيرة، شعاراً متكرراً في بيانات رسمية ومنشورات على شبكات التواصل الاجتماعي، غير أن الواقع الميداني يكشف مفارقة واضحة بين الخطاب الإعلامي والتطبيق العملي.

ففي الوقت الذي يُرفع فيه هذا الشعار كرمز للاهتمام بالشباب، وإعطائهم الأولوية في الوظائف والترقيات، يظل أبناء المهرة يعانون من الإقصاء وقلة الفرص الحقيقية.

 

يتابع المواطنون يومياً عبر المنصات تصريحات تتحدث عن تمكين أبناء المهرة في المؤسسات الحكومية، بينما لا يرون أثراً يلمس حياتهم أو يغير واقعهم الاقتصادي والاجتماعي. فالوظائف الرسمية في المؤسسات والمكاتب الحكومية ما تزال محصورة في نطاق ضيق، وغالباً ما تمنح عبر الوساطات أو العلاقات الشخصية، بعيداً عن الكفاءة والمعايير العادلة.

 

أما المشاريع التنموية التي يفترض أن توفر فرص عمل للشباب، فهي إما متعثرة أو محدودة الأثر، ولا تعكس ما يتم الترويج له إعلامياً. واللافت أن مفهوم التمكين تم تحويره، ليصبح مجرد شعار سياسي أو إعلامي يستخدم لتلميع صورة المسؤولين أمام الرأي العام. بينما التمكين الحقيقي يعني منح الشباب الفرص العادلة في التعليم والتدريب والوظائف، وإشراكهم في صنع القرار.

أبناء المهرة اليوم أمام تحديات مضاعفة، إلى جانب غياب المشاريع الاستراتيجية. وهناك ضعف في استغلال الموارد المحلية بما يخدم مصلحة المواطن.

 

ولعل أبرز ما يعكس الفجوة بين شعار التمكين والواقع، هو استمرار اعتماد المؤسسات على الكوادر من خارج المحافظة، بينما أبناء المهرة المؤهلين يبحثون عن فرصة عمل دون جدوى.

في المقابل، يطالب ناشطون ومثقفون بضرورة تحويل شعار التمكين إلى خطوات عملية، تبدأ بتطبيق معايير الشفافية في تمكين أبناء المهرة في مختلف المجالات. كما يشددون على أهمية إنشاء برامج تدريبية للشباب تؤهلهم لمتطلبات سوق العمل المحلية والإقليمية.

 

التمكين ليس مجرد كلمة تكتب في منشور على “فيسبوك” أو “تويتر”، أو تقال في الاجتماعات الرسمية، بل هو مسار طويل يتطلب رؤية استراتيجية وإرادة حقيقية، ومصداقية في التعامل مع أبناء المحافظة.

 

المواطن المهري لا يبحث عن شعارات، بل عن فرص عمل تحفظ كرامته، ومشاريع تنموية تحسّن من مستوى معيشته، ومؤسسات تعكس العدالة والمساواة. وكلما استمر التضارب بين القول والفعل تزايدت حالة الإحباط لدى الأجيال الشابة التي ترى مستقبلاً غامضاً أمامها.

 

إن أبناء المهرة يستحقون أن يكونوا شركاء حقيقيين في إدارة محافظتهم، لا مجرد أداة للترويج الإعلامي. والمسؤولية هنا تقع على عاتق السلطة المحلية والحكومة المركزية في ترجمة الشعارات إلى واقع ملموس.

 

فقد آن الأوان أن يتوقف الاستخدام المفرط للشعارات الفضفاضة، والانتقال إلى مرحلة العمل الميداني. فالتمكين الحقيقي يُقاس بما يتحقق على الأرض، لا بعدد التغريدات أو البيانات الإعلامية.

 

اليوم يعد تمكين أبناء المهرة خياراً في غاية الأهمية، وضرورة وطنية تفرضها العدالة الاجتماعية ويفرضها حق الشباب في مستقبل أفضل. ويبقى السؤال: متى نرى شعار التمكين حقيقة يعيش في الواقع، لا مجرد كلمات تتلاشى مع انتهاء المؤتمر أو الخطاب أو انتهاء المنشور؟

زر الذهاب إلى الأعلى