كيف تربّي أولادك تربية إسلامية صحيحة.

كتب : أ . صباح عياش
رسالة مهمة للآباء وڪيفية تعليم الأبنـاء على الخصال الحميدة :
قــال العـلامـة ابـن قدامـة المقدسيــﮯ رحمـہ اللـہ :
أعلم : أن الصبي أمانة عند والديه، وقلبه جوهرة ساذجة، وهى قابلة لكل نقش، فإن تعوّد الخير نشأ عليه وشاركه أبواه ومؤدبه في ثوابه، وإن تعوّد الشر نشأ عليه، وكان الوزر في عنق وليّه، فينبغي أن يصونه ويؤدبه ويهذبه، ويعلّمه محاسن الأخلاق، ويحفظه من قرناء السوء، ولا يعوّده التنعُّم، ولا يحبب إليه أسباب الرفاهية فيضيع عمره في طلبها إذا كبُر.
بل ينبغي أن يراقبه من أول عمره، فلا يستعمل في رضاعته وحضانته إلا امرأة صالحة متدينة تأكل الحلال، فإن اللبن الحاصل من الحرام لا بركة فيه، فإذا بدت فيه مخايل التمييز وأولها الحياء، وذلك علامة النجابة وهى مبشّرة بكمال العقل عند البلوغ، فهذا يُستعان على تأديبه بحيائه.
وأول ما يغلب عليه من الصفات أن يكون شرهاً للطعام، فينبغي أن يتعلم آداب الأكل، ويعوّده أكل الخبز وحده في بعض الأوقات لئلا يألف الإدام فيراه كالحتم، ويقبح عنده كثرة الأكل، بأن يشبّه الكثير الأكل بالبهائم، ويحبّب إليه الثياب البيضاء دون الملوّنة ويقرر عنده أن ذلك من شأن النساء ، ويمنعه من مخالطة الصبيان الذين تعوّدوا التنعم، ثم يشغله في المكتب بتعليم القرآن والحديث وأحاديث الأخبار، ليغرس في قلبه حب الصالحين، ولا يحفظ من الأشعار التي فيها ذكر العشق.
ومتى ظهر من الصبي خلق جميل وفعل محمول، فينبغي أن يُكرّم عليه، ويجازى بما يفرح به، ويمدح بين أطهر الناس، فإن خالف ذلك في بعض الأحوال تغافل عنه ولا يكاشفه، فإن عاد عاتبه سراً وخوفاً من اطلاع الناس عليه، ولا يكثر عليه العتاب، لأن ذلك يهوّن عليه سماع الملامة، وليكن حافظاً هيبة الكلام معه.
كما ينبغى للأم أن تخوّفه بالأب، وينبغى أن يمنع النوم نهاراً، فإنه يورث الكسل، ولا يمنع النوم ليلاً ولكنه يمنع الفرش الوطيئة لتتصلب أعضاؤه.
ويتعوّد الخشونة في المفرش والملبس والمطعم. ويعوّده المشي والحركة والرياضة لئلا يغلب عليه الكسل.
ويمنع أن يفتخر على أقرانه بشيء مما يملكه أبواه، أو بمطعمه أو ملبسه.
ويعوّده التواضع والإكرام لمن يعاشره.
ويمنع أن يأخذ شيئاً من صبي مثله، ويعلم أن الأخذ دناءة، وأن الرفعة في الإعطاء.
ويقبح عنده حب الذهب والفضة.
ويعوّده أن لا يبصق في مجلسه ولا يتمخط، ولا يتثاءب بحضرة غيره، ولا يضع رجلاً على رجل، ويمنع من كثرة الكلام.
ويتعوّد أن لا يتكلم إلا جواباً، وأن يحسِن الاستماع إذا تكلم غيره ممن هو أكبر منه، وأن يقوم لمن هو فوقه ويجلس بين يديه.
ويمنع من فحش الكلام، ومن مخالطة من يفعل ذلك، فإن أصل حفظ الصبيان حفظهم من قرناء السوء. ويحسن أن يفسح له بعد خروجه من المكتب في لعب جميل، ليستريح به من تعب التأديب، كما قيل : روح القلوب تعلّم الذكر. وينبغي أن يتعلم طاعة والديه ومعلمه وتعظيمهم.
وإذا بلغ سبع سنين أمر بالصلاة، ولم يسامح في ترك الطهارة ليتعوّد، ويخوف من الكذب والخيانة، وإذا قارب البلوغ، ألقيت إليه الأمور.