تقارير وحوارات

إخوان اليمن في تعز .. هل بدأت معركتهم ضد الجنوب

كريتر نيوز/ تقرير

نظراً لقرب المسافة بين فصائل محور طور الباحة بلحج الجناح العسكري لحزب الإصلاح اليمني والقوات الجنوبية (حوالي 2.5 كيلومتراً )، توشك أن تتصاعد التوترات وتطور إلى نزاع مسلح بين الطرفين نظراً للتحشيد العسكري من قبل مليشيات الإصلاح الإخوانية إلى محافظات الجنوب لاحتلاله مرة أخرى، وفي محافظة أبين هناك حشود كبيرة لحزب الإصلاح اليمني بجميع فصائله المليشياوية ومنهم جماعة التنظيمات الإرهابية وأنصار الشريعة الذين قدموا من محافظتي البيضاء ومأرب اليمنيتين إلى محافظة أبين في الحرب الأخيرة على الجنوب، واستطاع الجيش الجنوبي بمقاومته الشرسة بدحر تلك المليشيات الإخوانية والتظيمات الإرهابية منها وقلع جذروها من المحافظة قبل سنوات  من قبل القوات الجنوبية والتحالف العربي في 2015م ،. 

وبعد سقوط مناطق واسعة من محافظة أبين بيد قوات ماتسمى  بالشرعية اليمنية المختطفة من حزب الإصلاح عادت تلك التنظيمات الإرهابية إلى محافظة شبوة بعد اخراج قوات النخبة الشبوانية منها. 

وتعج المعسكرات التابعة لقوات الحكومة اليمنية بالتنظيمات الإرهابية في مناطق محافظة أبين، نتج عن ذلك إفشال الشرعية اليمنية لاتفاق الرياض 1 واتفاق الرياض 2.

حشد إخواني تجاه الجنوب والقوات المسلحة الجنوبية تتأهب:

انتشرت القوات المسلحة الجنوبية في طور الباحة في محاولة استباقية لمنع القوات التابعة للإصلاح ومليشيات الحوثي من التوسع أكثر في محافظة لحج. ويسعى محور طور الباحة الإخواني إلى توسع الإصلاح في المحافظة بعد جهود فصائل محور طور الباحة الإصلاحي منذ أوائل عام 2021م لشق طرق جديدة وإقامة مواقع عسكرية في المنطقة ونقل مقاتلين من الجبهات مع الحوثيين في مديرية حيفان بتعز إلى طور الباحة بمحافظة لحج. 

 ونتيجة ما قام به حزب الإصلاح بنشر مزيداً من مليشياته المقاتلة من تعز اليمنية إلى المناطق الحدودية مع المناطق الجنوبية بمحافظة لحج ، حذر حينها رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزُبيدي حزب الإصلاح اليمني في فبراير/شباط بحرف المعركة ضد الحوثيين عن مسارها في محافظة تعز والسعي إلى فتح معركة جديدة ضد الجنوب. ولم يرد حزب الإصلاح على هذه الاتهامات.

ومن أهم المؤشرات على ما إذا كانت الاشتباكات قد تندلع بين محور طور الباحة والقوات الجنوبية وذلك لقيام حزب الإصلاح بالحشد العسكري على الجنوب، وعلى الرغم من أن التنفيذ الجزئي للشق العسكري من اتفاق الرياض الذي يعرقل تنفيذه حزب الإصلاح والشرعية اليمنية .. مما أدى إلى وقف القتال بين مليشيات حزب الإصلاح والقوات الجنوبية في المحافظات الجنوبية في ديسمبر/كانون الأول 2020، فإن الهدنة التي أعقبت ذلك كانت في الواقع هشة بسبب قيام الشرعية اليمنية المختطفة من حزب الإصلاح اليمني بخرق أي هدنة يقوم بها التحالف العربي، وفي حال صمد وقف إطلاق النار،.

 وبقيت حكومة المناصفة المُمَثل فيها المجلس الانتقالي الجنوبي ، فإن اندلاع القتال المباشر بين محور طور الباحة التابع لشرعية الإخوانية والقوات الجنوبية أمر غير محتمل، على الأقل في الوقت الراهن.

وفي سياق التقرير أما السيناريو الآخر من الحرب قد يكون توجه القوات الموالية للإصلاح صوب مديرية المخا على ساحل البحر الأحمر الخاضعة لسيطرة قوات طارق عفاش، . 

وفي أواخر عام 2020، قال سالم، قائد الجناح العسكري للإصلاح في محافظة تعز اليمنية في تسجيل صوتي مسرب، “المخا لنا”. هذا الكلام ليس تهديداً ضمنياً ضد قوات طارق عفاش فقط، بل هو تصريح واضح بأن المدينة الساحلية يجب أن تكون تحت إدارة سلطة تعز المحلية.. يؤمن أنصار الإصلاح أن المخا تستخدم كقاعدة لخدمة استراتيجية إماراتية تهدف إلى فصل المخا عن تعز وخلق منطقة حكم ذاتي. على الورق، تبدو المسافة من طور الباحة إلى المخا أبعد منها إلى العاصمة عدن. ولكن سيكون عبور الطريق غرباً نحو المخا سهلاً على القوات التابعة للإصلاح بعد شرائها ولاءات الزعماء القبليين في المنطقة.

ومع ذلك، لا يزال من غير المحتمل أن يحصل أي تقدم نحو ساحل البحر الأحمر على المدى القصير.

 وطبقاً لمصدر عسكري مطّلع على سير عملية تجنيد المقاتلين، فإن عملية تدريب مجندين جدد لا زالت مستمرة من قبل حزب الإصلاح اليمني، حيث استُحدث معسكر تدريبي جديد في المعهد العالي للمعلمين سابقاً بمنطقة عصيفرة، وسط مدينة تعز، أوائل 2021، بينما يُدرب مقاتلون آخرون في محافظة مأرب اليمنية. 

وفي  التقرير ذاته تساور قوات طارق عفاش الشكوك أن هجوم محور تعز الأخواني في مارس/آذار 2021م التابع لحزب الإصلاح اليمني إنما هو مجرد لعبة يتخذها حزب الإصلاح للقضاء والانقضاض على قوات طارق عفاش لكون حسب المجريات الميدانية تتضح إن حزب الإصلاح تربطه علاقات سرية مع الحوثيين وذلك ما ظهر جلياً بتسليم حزب الإصلاح معسكراته وجبهاته للحوثيين وإنما اتخذ ذريعة مهاجمته ضد الحوثيين غربي تعز كان مقدمة للتحرك ضدهم على ساحل البحر الأحمر. 

ورغم نجاح تمثيلي  واتفاق سري مع الحوثيين ، نجحت قوات محور تعز التابع لحزب الإصلاح اليمني في إحراز مكاسب ضد الحوثيين في الكدحة والوازعية غربي تعز، ولكن سرعان ما ساد الهجوم حالة من الجمود.

 وفي حين رأى بعض الموالين للحكومة اليمنية المختطفة من حزب الإصلاح أن الهجوم ضد الحوثيين يمثل فرصة لإعادة توحيد القوات المناهضة للحوثيين وإنهاء الحصار الجزئي على مدينة تعز اليمنية ، إلا أن قوات طارق عفاش كانت قلقة من أي تقدم لقوات حزب الإصلاح المسيطر على تعز اليمنية ، حتى لو كان هذا التقدم لمواجهة الحوثيين، كون حزب الإصلاح يهيمن على محور تعز العسكري.

مخاوف المدنيين والتداعيات السياسية في محافظة تعز اليمنية:

تعد محافظة تعز اليمنية موطناً لمجموعة متنوعة من الأحزاب السياسية التي أجمع الكثير منها على أهمية منع تصاعد العنف والأضرار المرتبطة به على المدنيين. نادت أحزاب مثل الحزب اليمني الاشتراكي والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري بسرعة حل الميليشيات التي تعمل خارج إطار المؤسسة العسكرية، وإخلاء القوات العسكرية من المنشآت العامة والخاصة التي جرى تحويلها إلى قواعد عسكرية ونقل الثكنات والألوية بعيداً عن المناطق المكتظة بالسكان إلا أن تلك تلك دعوات قوبلت برفض من قبل حزب الإصلاح اليمني المهيمن على المحافظة. 

وحيث أصدر عدد من الأحزاب في محاقظة تعز اليمنية التي تدعم بما تسمى الحكومة اليمنية، من بينها المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري وبعض الأحزاب المعتدلة بياناً في ديسمبر/كانون الأول 2020 أعلنوا فيه رفضهم تحشيد المقاتلين في يفرس.

ولكن لا جدى لتلك الدعوات التي اصدرتها الأحزاب بمحافظة تعز اليمنية لكونها لم تستجيب  بما تسمى الشرعية اليمنية على، موافقتها على هذه الدعوات تعني أن جناح حزب الإصلاح العسكري سيخسر أفضليته الحالية في تعز، وبالتالي من غير المرجح أن يستجيب الإصلاح لهذه الدعوات. حل الميليشيات غير النظامية التابعة له، وإعادة تشكيل الجيش بأي شكل، وانسحاب القوات العسكرية من المناطق الحضرية سيضعف نفوذ حزب الإصلاح على الأرض في تعز اليمنية وبالتالي، يبدو أن الإصلاح يسير في اتجاه معاكس إذ أن التهديدات الجديدة، سواءً محلية أو إقليمية، تدفع به إلى مضاعفة جهود تجنيد المزيد من المقاتلين في صفوفه وتوسيع نطاق سيطرته في المحافظة.

و لا يزال هناك خوف عام من أن معارضي الإصلاح قد يتحدون ضده، لا سيما في ضوء التهديد الذي يشكله الحوثيون على مأرب، مركز القوة الآخر للإصلاح في اليمن.

ومع أن حزب الإصلاح لا يزال أكثر لاعب بارز في التحالف المناهض للحوثيين، فإن الدعم الإقليمي لخصومه يزيد من الشك من أن هناك تحركات تُحضّر ضده. 

جاءت التقارير في مايو/أيار 2021م عن إنشاء القوات الجنوبية قاعدة عسكرية في جزيرة ميون المحاذية لمضيق باب المندب الاستراتيجي بعد استعادتها من قوى حزب الإصلاح ، لتزيد من هذه المخاوف في اوساط حزب الإصلاح بفرعيه العسكري والسياسي. 

  ورداً على ذلك، تبنى حزب الإصلاح اليمني سردية شعبوية وإعلامية مكثفة بأسم احتلال السيادة الوطنية الذي يغتنى بها كذبا،  وزوراً وصوّر وجود الإمارات على الجزيرة ذلك بيافطة كاذبة وهي قضية سيادية ومثال آخر على جهود الإمارات للسيطرة على أراضٍ يمنية.

تجار ومدنيون يخشون من تفاقم أزمة إنسانية بسبب التصعيد، العسكري من قبل حزب الإصلاح:

أما التجار والمدنيون داخل مدينة تعز اليمنية، فهم يخشون من التصعيد العسكري الذي يقوم به مليشيات حزب الإصلاح اليمني تجاه الجنوب الذي قد يؤثر على طريق الإمداد الوحيد للمواد الغذائية الذي يصل تعز بالعاصمة عدن، التي هي بحماية القوات الجنوبية .

 وفي الواقع فإن هذه المخاوف مبررة تحديداً بسبب رفض القوات الجنوبية المتكرر السماح بشق طريق جديد كبديل لطريق هيجة العبد المتهالك والذي يمتد من بني عمر في الحجرية إلى الصبيحة في لحج. ترفض القوات الجنوبية شق طريق جديد لأنه يعتبر ذلك محاولة من الإصلاح لتوسيع مناطق سيطرته.

ويستمر المدنيون في محافظة تعز اليمنية بدفع ثمن ضعف الدولة اليمنية الذي يهمن عليها حزب الإصلاح اليمني وما نتج عنه من تمكين للجماعات المحلية المسلحة خلال النزاع. 

هذا الأمر حول تعز إلى مرتع للنشاط الإجرامي والاستيلاء غير القانوني على الأراضي في الوقت الذي ازداد فيه ابتزاز المدنيين من قِبل الجماعات المسلحة التابعة لحزب الإصلاح اليمني.

وعلى سبيل المثال في 10 أغسطس/آب، هاجم أفراد من اللواء 170 التابع لمحور تعز الاصلاحي على مدنيين حاولوا منعهم من الاستيلاء على أراضيهم، ما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص، بينهم خمسة مدنيين من عائلة واحدة وعلى الرغم من تقديم أعضاء في البرلمان اليمني شكوى رسمية، من المتوقع أن يستمر أفراد محور تعز  والميليشيات غير النظامية على ممارسة هذه الأفعال في ظل إفلاتهم من العقاب.

زر الذهاب إلى الأعلى